كلمة معالي الوزير
كلمة معالي وزير الشُّؤون الإسلاميَّة والدَّعوة والإرشاد
المشرف العام على المجمَّع
الحمدُ للهِ حمداً كثيراً طيِّباً مباركاً فيه كما يليق بجلالِه وعظيمِ سُلطانِه، والصَّلاةُ والسَّلامُ على محمَّدِ بنِ عبدِ الله خاتمِ رسلِه وأنبيائِه، وعلى آلِه وأصحابِه، ومَن اتَّبعهم بإحسانٍ إلى يوم لقائه، أمَّا بعد:
فإنَّ أجلَّ ما تُقضى فيه الأوقاتُ، وتُصرف فيه الأعمارُ: العنايةُ بكتاب الله تعالى، تدبُّراً لكريم آياتِه، وتفهُّماً لجليلِ معانيه، وتفقُّهاً في بديعِ حِكمِه، وعملاً بشريفِ أحكامه.
ولهذا تنوَّعت عنايةُ أهلِ العلم به قديماً وحديثاً، وكان ممَّا اشتغلَ أهلُ العلم به على مرِّ الأزمنة: (كتابةُ المصحف الشَّريف)، والعنايةُ بتعلم أحكامِ رَسْمِهِ وضَبْطِهِ؛ فاهتمُّوا بهذا الشَّأنِ اهتماماً كبيراً، منذ الزَّمن الأوَّل، حتَّى زمن النَّاس اليوم.
ومَن يطالعُ طرفاً مِن اهتمامِ السَّلفِ بكتابةِ المصاحفِ الشَّريفةِ يعجب لهذا الحرص والمثابرة من جانب الكَتَبة على اختلاف منازلهم: مِن خلفاءَ وأمراءَ ووزراءَ وعلماءَ ورجالٍ ونساءٍ؛ ممَّا يدلُّ على احتفائهم بالخط العربي واهتمامهم به، وحرصِهم على كتابة المصحف الشَّريف وفقَ الضَّوابطِ الشَّرعيَّة والقواعد المرعيَّة.
وقد كانت كتابةُ نُسَّاخِ المصاحفِ الموردَ الوحيدَ لرِفْد مساجدِ الأمصارِ الإسلاميَّة بنُسَخٍ من القرآن الكريم، وعندما بدأت هذه الأمصار تستثمر إنجازاتِ عالمِ الطِّباعةِ لم تتوقَّف كتابةُ المصاحفِ الشَّريفةِ؛ بل استمرَّت وتطوَّرت؛ لما لهذه الكتابة من مكانةٍ عاليةٍ، وثوابٍ يُرتجى.
ومِن فضلِ الله تعالى وتوفيقِه لهذه الدَّولةِ المباركةِ المملكة العربيَّة السعوديَّة حيازتها قصب السَّبق في هذا الميدان العظيم؛ فقد يسَّرَ الله لها أسبابَ العنايةِ بكتابِ الله تعالى ووفَّقها لذلك، منذ عهد المؤسِّس الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود -رحمه الله وطيَّب ثراه- إلى يومنا هذا، في ظلِّ قيادة خادم الحرمين الشَّريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمين صاحب السُّمو الملكي الأمير محمَّد بن سلمان بن عبد العزيز -حفظهما الله-.
وإنَّ مِن أجلِّ صور تلك العناية والرِّعاية نهوض وزارةِ الشُّؤون الإسلاميَّة والدَّعوة والإرشاد، ممثَّلةً في مجمَّع الملك فهد لطباعة المصحف الشَّريف بالمدينة المنوَّرة، بالعناية بكتابِ الله الكريم رسماً وضبطاً وطباعةً، وخدمةً لعلومِه المختلفة، وتيسيراً لترجمة معانيه بشتَّى اللُّغات العالميَّة.
وتأتي (المسابقةُ الدوليَّة لكتابة المصحف الشَّريف) تأكيداً لتلك العنايةِ، جامعةً كوكبةً من كُتَّابِ المصاحفِ والخطَّاطين على خطِّ مصحفٍ كريمٍ، في نسقٍ مُوحَّدٍ متكاملٍ، وفق الضَّوابط والشُّروط المعمول بها في مصاحف المدينة النَّبويَّة، مع العناية به في داخل المجمَّعِ مراجعةً وتدقيقاً وإخراجاً وطباعةً.
فأسأل الله تعالى أن يجزيَ الجميعَ خيرَ الجزاء، كما أسأله سبحانه أن يجزي ولاة أمرنا حفظهم الله خير الجزاء، وعلى رأسهم خادم الحرمين الشَّريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، وأن يبارك في جهودهما، وأن ينصرهما ويزيدهما توفيقاً وعزّاً وعلوّاً وتمكيناً. وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين.
وصلَّى الله وسلَّم على نبيِّنا محمَّد وعلى آله وصحبه أجمعين
الشيخ الدكتور عبد اللَّطيف بن عبد العزيز بن عبد الرَّحمن آل الشيخ
وزير الشُّؤون الإسلاميَّة والدَّعوة والإرشاد
المشرف العام على مجمَّع الملك فهد لطباعة المصحف الشَّريف
المشرف العام على المسابقة